سلسلة الطاقة الداخلية - 3




الجزء السابق من هنــا

تاريخ تشي كونغ

تضرب جذور التشي كونغ في عصور ما قبل التاريخ عندما كانت بعض القبائل في الصين تقوم برقصات احتفالية تدعى بالـ da-wu (الرقصة الكبرى) التي لوحظ انها اعطت فوائد علاجية للذين قاموا بها. تم هذا الاكتشاف حوالي 10000 قبل الميلاد .

في تلك الايام كان التشي كونغ وجميع اشكال التطبيب حكرا على الاطباء السحرة المعروفين بالشمنية chamans الذين كان يتمثل دورهم في التعامل مع قوى السماء و الارض من اجل فائدة الانسانية.

ان أوائل الكتابات عن التشي كونغ تعود الى قبل 4000 سنة, عندما طورت رقصة اخرى من اجل ابعاد المرض, أسها تنظيم التنفس وتوازن الطاقة , وكانت تمارس كنوع من العلاج الوقائي في المناطق الشمالية من الصين (حيث حوض النهر الاصفر) التي كانت تبتلى بالفيضانات وتشتد فيها الرطوبة , مما يؤهب للاصابة بالروماتيزم و الدوالي وبطء دوران و "ركود الطاقة" , بحسب تعبير الصينيين.

في القرن الثالث قبل الميلاد كان التشي كونغ قد بلغ درجة متطورة واصبح له الدور الاساسي في الحقول الثلاثة المعروفة: الطب , التأمل و الفنون القتالية.

وفي الحقيقة , ما تزال كل مدارس التشي كونغ , على تنوعها الكبير في الصين وكوريا و اليابان وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وغيرها , تندرج تحت ثلاثة حقول أساسية : طبية , تأملية , قتالية, وتهدف كلها في النهاية الى الحصول على صحة أفضل , وعمر أطول وتوازن فسيولوجي ونفسي , وذهن صاف متوقد , وانسجام روحي.

كتب FU YI حوالي 2000 قبل الميلاد : "ان التشي كونغ فن يرضي الروح , يبطيء الشيخوخة ويطيل الحياة". وفي الادب التاوي ما يزال الامبراطور الاصفر Huang-Ti هو المرجع الاساسي الذي نسب به التشي كونغ - هو الذي عاش حتى عمر 111 سنة, وحكم مجموعة من القبائل في شمال الصين حوالي 2700 قبل الميلاد, ويقال انه مارس التأمل وتمارين التنفس بشكل يومي منتظم , وطور الخيمياء alchemy الداخلية لليوغا الجنسي التاوي من خلال ممارسته لهذه الرياضة الجنسية دون قذف مع حريمه البالغ 1200 امرأة !


!!! قد تكون خرافة من خرافاتهم.

ان مناقشات الامبراطور الاصفر مع رئيس أطبائه مدونة في الكتاب الطبي الصيني المعروف بكتاب الامبراطور الاصفر الكلاسي في الطب الداخلي Huang-Ti nei Ching .

يمكننا ان نؤرخ لتاريخ التشي كونغ عبر الحقب التاريخية من تاريخ الصين كما يلي :

أولا: التشي كونغ خلال حقبة الين و التشو القرن 18 - القرن الرابع قبل الميلاد :

من أبرز الشخصيات في هذه الفترة شخصية Peng Tzu الاسطورية الذي يقال انه عاش ما يقارب من 800 سنة نتيجة فوائد التشي كونغ . يعتبر Peng Tzu بحق مؤسس الـ dao-yin , احدى طرق التشي كونغ المعروفة. وهي تستند على اجراء حركات بسط ودوران بطيئة للأطراف بالمشاركة مع تنفس بطني عميق.

كان Peng Tzu يستيقظ يوميا في الساعة الثالثة صباحا , يجلس في وضعية تأمل صامت حتى الفجر , ثم يقوم بتمارينه المفضلة التي تتضمن أيظا تدليك العينين و المناطق الاخرى من الجسم وتحريك اللسان في كل الاتجاهات داخل الفم لتحريض افراز اللعاب المفيد المدعو بـ "العصارة الحلوة" gan-lu .

في تلك الحقبة كان يمارس التشي كونغ بشكل أساسي الاطباء السحرة أو الشمنية الذين يصفون العقاقير المختلفة لافراد القبائل, و الطبقات الحاكمة و الملكية و الأرستقراطية . وبقي الحال كما هي طوال التاريخ الصيني حتى القرن العشرين الذي صار فيه هذا العلم و الفن شعبيا يمارس في الحدائق و المدارس و المنازل بشكل واسع .

في تلك الحقبة ايظا تم تأليف كتاب التحولات الذي يعتمد على نظام مكون من ثمانية مثلثات , ينشأ عنها أربعة وستون مسدسا , وتدرس بواسطتها احتمالات الحوادث المستقبلية , وتستعمل من خلالها قوى السماء و الأرض كحلول لمشاكل الانسانية.


امور الشعوذة كما نطلق عليها (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ).

 يتم هذا عن طريق قراءة الأنماط الغالبة و التحولات الدورية للطبيعة و الكون من خلال قراءة الخطوط المتكونة من المسدسات hexagrams كجواب على اسئلة معينة.

وبذلك صار مبدأ استعمال قوانين الطبيعة والكون من اجل خير الانسانية جزءا اساسيا من التفكير التاوي ومن ممارسات التشي كونغ. وقد نتج عن هذا ما يلي:

1_ تتبع صحة الانسان ومرضه , سعادته وحزنه , تغييرات دورية في السماء و الارض.

2_ عندما تصل أفكار ومشاعر و أعمال لانسان لدرجة مستقرة من التوازن الداخلي و الانسجام الفسيولوجي , يصل الانسان الى افضل الحالات الحياتية الممكنة.

3_ عندما يقع الشخص ضحية للمرض فان افضل طريقة للشفاء هي تسكين العقل, تهدئة المشاعر , احداث انسجام في الفعاليات البدنية , وخلق حالة توازن . تعيد هذه الطرق الى الشخص الصحة المفقودة, كما تعيد اليه الحيوية وتضعه في حالة توازن مع قوى السماء و الارض.

4_ الحركة و السكون قطبان نسبيان في وجود كلي واحد, وليسا ظاهرتين مستقلتين , كما هي حال الينغ و الـين , كونها أقطاب متكاملة في نفس الطاقة الكونية الاساسية.

ملاحظة : 

للأخ الذي طلب مني ان اتطرق لعدة حلول اخرى في كتابي حلول لمشكلة الخوف من القتال , أقول لك بأنني لم انساك , وأسئلتك وضعتها في جدولي  للمواضيع التي ستنشر لاحقا وسنتطرق لها باسهاب .. فقط القليل من الصبر 

لماذا لا أتطرق اليها حالا:

 أولا اعذرني جدا لان وقتي محدود على الأنترنت (أنا آسف) , ثانيا بسبب المواضيع التي وعدت بها الزوار الذين راسلوني , فسنتتطرق للمواضيع اولا بأول..


سلسلة الطاقة الداخلية - 4





تعليقات

  1. غير معرف11:04 م

    السلام عليكم احب ان اشكرك اولا على المجهود المبذول فى هذه السلسلة ولكن ارجو منك فى الحلقات القادمة ان تشرح الجزء الغامض المتعلق بما يسمى الشكرة فهل عرف الصينيون حقا ما يسمى بالسبع شكرات وهل لكل شكرة منهم وظيفة فعلية وما الذى يثبت وجود هذه الشكرات فقد تكون قدرتهم فى كسر قوالب الطوب وما الى ذلك نتيجة لقوة العقل الباطن نتيجة التدريبات الذهنية مثل التامل وغيره وهل اثبت العلم وجود هذه الشكرات ام هى محض اجتهادت قد تصيب وقد تخطئ ارجو الرد ضرورى نظرا لحيرتى الشديدة بارك الله فيك اخيك ESLAM22

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      لقد سمعت عن التشاكرا , أما بخصوص اذا كانت حقيقية ام لا فالله اعلم .
      هذه السلسلة تتحدث عن تاريخ التشي كونغ منذ البداية وهي مليئة بالمعتقدات الخرافية لهذا اعلق على ما اراه غير مناسب برأيي الشخصي ما عليكم انتم الا التعليق على ما ترونه صحيح
      وجهوني لما ترونه حقيقي فقد اخطأ

      كسر القوالب كما قلنا هو بالطريقة القوة الخارجية لعضلات الجسم وليس بالقوة الداخلية الا نادرا , لأنني رأيت أشخاص على اليوتوب يكسرون الطوب الاخير من عدة قوالب .فربما هنا يستخدمون الطاقة الداخلية ..

      المهم لا داعي للحيرة سنتطرق لعدة امور لم تسمع بها من قبل ان شاء الله .

      حذف

إرسال تعليق

من الرائع ان تشاركني تجربتك ورأيك، من فضلك لا تستخدم اي كلمات خارجة أو روابط لا علاقة لها بالموضوع او ان تضع تعليق اعلاني، لانه سيتم حذفه فوراً. فالتعليقات خاضعة للاشراف ، دعنا نجعل التعليقات ساحة لتبادل الخبرات والنقاش وربما الاختلاف مع الكاتب ليستفيد الجميع، شكراً لتفهمك :)

تدوينات قد تنال اعجابك