حسن حالتك الصحية بطريقة الكايزن المذهلة





جلست "جولي" في غرفة الفحص , وعيناها تنظران للأسفل . لقد اتت الى المركز الطبي في جامعة "كاليفورنيا" , في "لوس انجلوس" , من اجل تلقي المساعدة الخاصة بضغط الدم المرتفع, ولتطلب العون في مشكلة ارتفاع ضغط الدم و الارهاق العام , لكني ارتأيت - وكذلك طبيبة الاسرة المقيمة ان الأمر أخطر من هذا بعض الشيء.

لقد كانت "جولي" أما لطفلين , وتعاني الاحباط قليلا باعترافها, فهي مطلقة وقد تجاوز امرها الانهاك بقليل, وعلى اقل تقدير كان جهازها الداعم غير مستقر, وكانت تحتفظ بوظيفتها بصعوبة.

ساورني أنا و الطبيبة الشابة القلق بشأن صحة "جولي" على المدى البعيد. فيما يخص وزنها (كانت تنوء بأكثر من ثلاثين رطلا زائدا على الوزن الطبيعي) كما يزيد المعدل المرتفع من الضغوط من خطر تعرضها للاصابة بمرض السكري , وارتفاع ضغط الدم , وامراض القلب , والاكتئاب العنيف , كان جليا أنها اذا لم تقم ببعض التغييرات , فسوف تسقط في دوامة من المرض و اليأس !

كنا نعرف سبيلا مطروقا وغير مكلف لمساعدة "جولي" ولم يكن هذا يتمثل في علبة اقراص , او قضاء عدة اعوام في العلاج النفسي. اذا كنت تقرأ الصحف أو تشاهد الانباء  فغالبا ما يمكنك ان تخمن ما أتحدث بشأنه : انها التمارين البدنية. انها بوسع النشاط البدني المنتظم ان يحسن تقريبا جميع مشاكل "جولي" الصحية, ويمنحها المزيد من طاقة الحياة و الاستمرار لتحمل أيامها الشاقة , ورفع معنوياتها.

وفي الحال عرضت عليها العلاج المجاني و الفعال بحماسة فائقة , فربما قلت لها : اخرجي للهرولة, أو تدربي على الدراجة الثابتة, استأجري شريط فيديو لتمارين الايروبيكس, أو اقلعي عن راحة الغداء , واستيقظي مبكرا قدر ساعة اذا لزم الامر , وما عليك الا النهوظ و الوفاء بالتزامك تجاه صحتك خمس مرات أسبوعيا ! ولكن عندما نظرت للهالات الداكنة تحت عيني "جولي" غص قلبي في صدري. قد نكون نصحنا مئات المرضى بالتمارين الرياضية, لكن قلة قليلة منهم فقط اتخذوها عادة ثابتة, فقد وجدوا انها تستهلك وقتا وعرقا وجهدا لا يسعهم تحمله, وأظن ان معظمهم كذلك ساورهم الخوف من خرق نظامهم الروتيني المريح, وعلى الرغم من عدم ادراك جميع المرضى لهذا الخوف.
وها هنا جلست "جولي" التي تكدح بلا توقف تقريبا , فقط لتوفر لاطفالها الملبس و المسكن و الغذاء , بلا سلوى عدا الاسترخاء لنصف ساعة او نحو ذلك على الاريكة في أغلب الليالي. استطيع ان اتوقع ما سيجري: ينصحها الطبيب بالتمارين البدنية, فينتابها شعور بعدم الفهم : "كيف ساجد وقتا لأمارس هذه التمارين ؟ انك لا تفهم حالتي اطلاقا " , الى جانب الشعور بالذنب , ستشعر الطبيبة المقيمة بخيبة الامل لتجاهل نصيحتها مرة بعد اخرى, وربما تبدأ في اتخاذ موقف متشائم , كما هو الحال مع الكثيرين من الأطباء الشباب الطموحين. فما الذي يسعني فعله لكسر هذه الدائرة المفرغة الحزينة ؟

التجديد المفاجيء لا يصلح لهؤلاء الاشخاص:

اذا كانت "جولي" تريد ان تطبق التجديد على مشكلة وزنها, فربما انخرطت في نمط من برامج التمارين القوية التي ذكرتها, وربما استلزم هذا البرنامج تغييرات حياتية ذات شأن. كانت ستحتاج الى رفع معدل خفقان قلبها لمدة نصف ساعة على الاقل , خمسة ايام في الاسبوع, وكان عليها ان تجد نظاما لاعادة ترتيب جدول انشغالاتها, لتتغلب على ألام العضلات الخطير, وقد تحتاج الى ميزانية خاصة ببعض الملابس و الاحذية الجديدة, واهم من كل هذا كان عليها الالتزام ببرنامجها الجديد خلال تلك الاسابيع و الاشهر الاولى الشاقة.

ثمة بديل للتجديد وهو طريقة الكايزن:

خطوة خطوة..
وجدت في "جولي" مرشحا مثاليا من اجل التغيير ,  من خلال اصغر أشكاله واقلها تهديدا, كنت ارقبها بينما هي تنتظر ما ستقوله الطبيبة. وكما توقعت, تحدثت اليها الطبيبة بشأن اهمية تخصيص وقت لنفسها, لتمارس فيه بعض التمارين, وكانت على وشك ان تخبرها بقضاء ثلاثين دقيقة على الاقل معظم ايام الاسبوع في ممارسة تمارين الايروبيكس القوية - تلك النصيحة التي غالبا ما تقابل بعدم الاقتناع و الغضب - فوجدت نفسي اتدخل قائلا:

"ما رأيك في الاكتفاء بالسير في المكان أمام جهاز التلفاز , يوميا , لمدة دقيقة واحدة؟ ".
نظرت الي الطبيبة بدهشة شديدة.
لكن وجه "جولي" أشرق قليلا ثم قالت: "نعم , أستطيع ان احاول هذا".

وعندما عادت جولي من اجل الزيارة للمتابعة , قالت انها قامت حقا بالسير في المكان امام جهاز التلفاز لمدة دقيقة كل ليلة. وبالطبع , لم تتحسن صحتها كثيرا لمجرد اداء تمرين هين لستين ثانية يوميا, لكن خلال هذه الزيارة الثانية , لاحظت ان اتجاه "جولي" النفسي قد تبدل, فبدلا من التقهقر في تخاذل, كما يفعل كثيرون جدا من ممارسي التمارين الفاشلين, تحلت "جولي" بقدر اعلى من الحيوية, وبقدر اقل من المقاومة البادية في حديثها ومسلكها.
 وارادت ان تعرف: اي شيء اخر يمكنها القيام به في دقيقة واحدة كل يوم؟

سررت للغاية , انه نجاح صغير, نعم, ولكنه افضل كثيرا من خيبة الامل و الخذلان بألوان وانواع مختلفة عاينتها مرات عديدة , ثم بدأنا نوجه "جولي" رويدا رويدا نحو حياة اكثر صحة, باضافة دقيقة واحدة, ثم اخرى كل مرة الى اعادة التمارين الرياضية. وفي غضون بضعة اشهر وجدت "جولي" ان مقاومتها الكاملة لبرنامج اللياقة البدنية قد تبددت. انها الان متلهفة للالتزام ببرنامج تمارين "آيروبيكس" منتظم. وقد انتظمت في ادائه بحماس !


الخلاصة:
_لا تحاول احراز وثبات عملاقة نحو التحسن, لان هذا اصعب بكثير بل خطوة خطوة فهذا اسهل.
_ثمة بديل للتجديد المفاجيء بحيث لا تكاد تنتبه لخطواتك وانت في طريق التجديد وكل ما يتطلبه منك هو خطوة واحدة.
_تبدو خطوات الكايزن للوهلة الاولى تافهة, ولاكنها طريقة ناجحة جدا.


ختاما:
أدعوك لقراءة كتاب طريقة الكايزن لانه كتاب لا يقدر بثمن و القيام بالتغيير في شتى المجالات بأسهل الطرق , انها طريقة الكايزن يا صديقي..

تعليقات

تدوينات قد تنال اعجابك